Friday, October 26, 2007

Remembrance Day

Today is a Remembrance Day in Libya in honor of the thousands of Libyans deported to Italian dreary islands during the Fascist era for their role in the Resistance at the time. As Grazziani, the Italian well-known General of the time, said that he had only three options for Libyans not accepting Rome’s supremacy, and these are; the gallows, the concentration camps or the boat for the islands. Thousands were deported and most of them perished away from home in a hostile land, the remainders who came back bore scars of sufferance for the rest of their lives.
Meantime, Benghazi had its own sad gloomy day, as the worst sand storm of the season raged in the area, leaving the streets empty and dusted.


Tuesday, September 11, 2007

فى ذكرى المعركة الاخيرة للفارس الابيض فى سلنطة


في مثل هذا اليوم منذ ست و سبعون سنة …..
كانت أبار المياه فى برقة مردومة أو مسممة ، و كانت نجوع البادية خاوية فارغة من سكانها ، و كان مئات الآلاف من أفراد قبائل برقة قد رحلوا قسرا من مناطقهم الأصلية ليعيشوا في معسكرات اعتقال جماعية كانت معسكرات للموت و الأوبئة ، قضى نصفهم نحبهم فيها . نفقت عشرات الآلاف من الماشية و صودر ما تبقى منها حيا و هدمت البيوت و شح الرزق و عم الخراب و نعيق البوم بين جميع الأرجاء ضمن خطة جهنمية لعزل المقاومة و القضاء عليها ينفذها جزار الجبل الغربي و فزان الجنرال غراتسيانى ، وسائلها قطع أسباب الرزق ، و حرق الغابات و استعمال الغازات السامة ، و التنكيل و البطش و الإرهاب و التصفية العرقية الكاملة.
و لكن مازال هناك فارس أبيض ، شيخ جليل و بضع من رفاقه ، يصول و يجول بين وديان و جروف الجبل الأخضر ، متحديا تارة و مهاجما تارة أخرى الغزاة أينما كانوا ، مكبدا لهم الخسائر الجسيمة فى الأرواح و المعدات. و كان غراتسيانى حينها فى روما يستعد للذهاب إلى باريس للاستجمام و الراحة ، و لعله كان كئيبا حزينا منهار الأعصاب بسبب عدم توصله للقضاء على المقاومة .
أصبح أسد الجبل و الصحراء وحيدا و حوصرت خطوط إمداداته من ناحية الشرق بأسلاك شائكة تمتد لمسافة ثلاثمئة كلم عبر الصحراء ، و لعله عرف قرب النهاية كما قال لمحمد أسد عند لقائه به ، فالكفرة احتلت و الأسلاك الشائكة انتهت أشغالها ، و مصادر العون أصبحت معدومة .

فى مثل هذا اليوم منذ ست و سبعون سنة ……
كان المختار يتفقد مواقع قواته مابين وادى الكوف و منطقة سلنطة عندما فطن الغزاة لوجوده هناك فحاصروا المنطقة و جرت معركة غير
متكافئة فى الوديان المجاورة ، و حاول المختار فك الحصار و الانسحاب ، و لكن فرسه أصيبت و جرح هو ، و وقع مع فرسه ، و أعاقته عن الحركة ، و لكنه قاتل حتى استنفذت ذخيرته ، و تعرف عليه أحد المتعاونين الذي صرخ قائلا : سيدي عمر ….سيدي عمر …. فحاصرته قوات الغزاة غير مصدقه ، و تم أسره ……….
أسر المختار يوم 11/09/1931 . بات ليلة فى مدينة سوسة على شاطئ البحر قرب شحات . أرسل إلى بنغازي بحرا فى اليوم التالى على الطراد أورسينى و ذلك خوفا من تحريره بهجوم انتحاري من المجاهدين إذا أرسل بطريق البر . و سمع غراتسيانى بالنبأ و هو فى روما ، فرجع بالجو و على وجه السرعة إلى بنغازي . قابل غراتسيانى عمر المختار يوم 14/09/ 1931 و ذلك حتى يريه حتمية انتصار القائد الروماني على قائد البرابرة ، و تحدث معه ، و كتب فيما بعد بأنه كان – أي المختار – قائدا جليلا و نقيا ، و لكنه يستحق الموت لأنه لا يوافق على انبعاث الإمبراطورية الرومانية من جديد . عقدت المحكمة الصورية فى مبنى الحزب الفاشي في بنغازي يوم 15/09/1931 ، و صدر حكم المحكمة بالإعدام شنقا حتى الموت ، و نفذ الحكم فى اليوم التالي أمام عشرين الفا من نزلاء معسكرات الاعتقال الليبيين فى منطقة سلوق .
و هكذا كانت نهاية شيخ القصور ، الفارس الأبيض ، مقاتل الجبل و الصحراء ، الذي عاش سعيدا فى مقاومة الغزاة رغم قوتهم العاتية ، و مات شهيدا كما تمنى و أراد . أسد الصحراء الذي عاش مع وحوش الفلاة فى الكهوف و الوديان و جروف الجبال ، و الذي تقوت و رفاقه على الجرابيع و صيد الليل و القعمول ، و لم يسع مطلقا لسلطة أو مجد زائل ، و لم يقبض معاشا من ايطاليا ، يا من خيرت فأخترت المبيت على الطوى و لم تبن جاها أو تلم ثراء ، و بقيت رمزا للحرية و النقاء فى كل مكان و كل زمان ... بعد إعدامه عمت مظاهرات الاحتجاج ضد الغزاة الفاشيين في كل أرجاء العالم العربي و الاسلامى من شمال أفريقيا حتى الهند ، و نظمت القصائد التى خلدت ذكره في تاريخ البشرية ، و منها رائعة أمير الشعراء أحمد شوقى ..


ركزوا رفاتك فى الرمال لواء ### يستنهض الوادى صباح مساء . فعلى روحه الطاهرة الفاتحة و السلام




و لكن كيف كانت نهاية غريمه الجنرال غراتسيانى ؟
أن نهاية الجنرال الفاشيستى المتكبر و القائد العسكري الذي جعل إعادة احتلال ليبيا ممكنا لسيده الدوتشى في روما ، العسكرى المتغطرس و المتشبه بالقواد الرومانيين الأوائل ، غراتسيانى الذي حارب الليبيين بشراسة في الجبل الغربي و مناطق القبلة و الجنوب و الكفرة و برقة ، و في النهاية جعل الليبيين جزءا من قواته الضاربة في عملية إعادة احتلال الحبشة ، غراتسيانى القائل بأنه وحده من يستطيع أن يقود هؤلاء المقاتلين الأشداء و العنيدين و يجعلهم يتبعون أوامره ..... فتلك قصة أخرى ...
عكس ما كان متوقعا فبعد انتهاء المقاومة فى برقة ، و دخول ليبيا لمرحلة استقرار نسبى فأن موسولينى عين الجنرال بالبو – محبوب الشعب الايطالي – و ليس غراتسيانى كحاكم عام لليبيا بدلا من بادوليو . أصبح غراتسيانى غير مرغوب فيه من بالبو الذي رأى في وجوده تذكيرا لليبيين بالمجازر التي ارتكبت و التي أرادهم أن ينسوها و أن يفتح صفحة جديدة معهم بدون غراتسيانى .
و هكذا أرسل غراتسيانى إلى الحبشة لأداء مهمة إعادة احتلالها و كما شاءت السياسة الاستعمارية الفاشية استعمل الليبيين وقودا لها كما استعمل الارتريين سابقا كجنود في إعادة احتلال ليبيا . و بعد موت بالبو فى حادث الطائرة الشهير قرب طبرق فى سنة 1940 تحقق حلم غراتسيانى فأصبح مارشالا و حاكما عاما لليبيا و قائدا لقوة الغزو لمصر و التي تكونت في معظمها من الليبيين المجندين قسرا و بلغ تعدادها أكثر من مائتي ألف جندي... هاجم غراتسيانى مصر و تراجعت القوات الانجليزية حتى سيدي برانى ...و بعد أعادة تجميعها و رغم تفوق القوات الايطالية في العدد و لكن ليس في العدة عاودت القوات البريطانية بقيادة الجنرال أوكيناور الهجوم و استسلم جنود غراتسيانى بعشرات الألوف و تم تدمير الأسلاك الشائكة في ما عرف فيما بعد بمعركة مارماريكا و تم القضاء على ربع القوة الايطالية الموجودة في ليبيا و وصلت القوات البريطانية إلى بنغازى للمرة الأولى . أصبح غراتسيانى مهزوما و أصيب بانهيار عصبي ، و انتهى كقائد عسكري ، و لولا تدخل ولى نعمته الدوتشى موسولينى لقدم للمحاكمة العسكرية
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية و هزيمة النازيين و الفاشيين قبض على غراتسيانى و سجن فى ميلانو و حكم عليه بالسجن لمدة تسعة عشر سنة بسبب جرائمه
.

و هكذا يكتب التاريخ فى صفحاته الفرق ما بين نهاية خلدت صاحبها و بين نهاية انتهى معها صاحبها ..........


روابط






Old and slightly distorted news ......


From Time News
Monday, Sep. 28, 1931
A detachment of the Italian camel corps in Cyrenaica lurched swiftly over stony roads near the Libyan coast last week in pursuit of a band of Arab rebels. Late at night they made contact near the little village of Slonta. There was a running fight. Rifles flashed yellow in the dark. Twelve tribesmen were killed. A short charge captured most of the rest, including their leader, a hardbitten, wiry old veteran of 75, wearing the silken turban cords of a sheik.
Suddenly the little skirmish at Slonta became international news. Rome jubilated. Back at headquarters it was discovered that the oldster was none other than the great Senussi chieftain Omar el Muktar, bravest and most implacable of Italy's native foemen.
To read more ….. >>>>>

Sunday, September 02, 2007

رشاد بشير الهونى و زيت القناديل

يضيع الكلام
يموت .. يتوه .. مدى ألف عام
و أبقى وحيدا .. حزين السمات
كأني غبي ..
كأني صبى ..
يعانى من الجمل المرهقات
على أننا رغم طول الطريق
و صمت اللقاء العميق
نشد الرحال ..
و نطوى المسافات نحو المحال

رشاد بشير الهونى ، المولود فى طنطا بمصر سنة 1937 لعائلة ليبية مهاجرة ، كان علامة مضيئة فى تاريخ الصحافة الليبية . بدأ رشاد شاعرا و كاتب قصص قصيرة و أنتهي كاتب مقالات و صحفيا مميزا . تفرغ للصحافة و لنشر قصائده و مقالاته و بابه الاسبوعى من يوم ليوم – فى صحيفة الحقيقة التي أصدرها شقيقه الأكبر محمد بشير الهونى فى سنة 1964 ، و كان من أبرز محرريها المرحوم الصادق النيهوم . أصبح شريكا فى الصحيفة و مديرا لتحريرها فى سنة 1966 ، و تزوج السيدة حميدة البرانى شريكة حياته و مسيرته الصحفية فى سنة 1967 . زار الولايات المتحدة و الهند و اليابان و الصين ، و أقام فى فترات متباعدة فى بيروت و لندن و القاهرة . كان من المؤسسين لجريدة العرب فى لندن فى سنة 1977 ، و أصدر مع الصادق النيهوم عن دار الشورى سلسلة – مكتبة لكل بيت . أسس مجلة الغد بلندن فى الثمانينات . عاد الى بنغازي فى 1988 و توفى بها –رحمه الله- سنة 1993 .

كتاب زيت القناديل من إعداد و تحقيق الأستاذ الباحث سالم الكبتى علامة مضيئة أخرى فى تاريخ الولاء للوطن و لمن كان لهم يد في بناء لبنات و أعمدة الوطن الذي يسكننا ..... كتاب يستحق أن يقرأ .

Wednesday, August 29, 2007

مقتطفات من خرائط الروح للدكتور أحمد ابراهيم الفقيه

مع الشكر للمغربية
يومية تصدرها مجموعة ماروك سوا
ر
خص الكاتب الليبي الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه "المغربية" بنشر فصول من الرباعية الروائية الجديدة "خرائط الروح"، التي انتهى أخيرا من إنجازها، ليطلع القراء على هذا العمل الأدبي الكبير لصاحب الثلاثية الشهيرة "حدائق الليل"، التي اعتبرها النقاد علامة بارزة في تاريخ تطور السرد الروائي العربي.
" بدأ الأمر بسيارة شحن تقف في باحة السوق.تسللت اليها بمساعدة السائق لتنام بين غرائر الفحم، وانتظرت عدة ساعات، تتنفس الغبار الأسود، وتنصت إلى صخب السوق، وتتمتم بالأدعية والتعاويذ كي لا يكتشف أحد أمرك، مرددا تلك الآية التي سمعت من أحد المعلمين في الزاوية، إنها تحجب الإنسان عمن يلاحقه إذا رددها وهي "وجعلنا من بين أيديهم سدا، ومن خلفهم سدا، فأغشيناهم فهم لا يبصرون".حتى سمعت محرك الشاحنة يدور، ثم أحسست بها تتحرك، وتهبط المرتفع الذي يصل القرية بالطريق العام إلى العاصمة، وانتظرت بضع لحظات قبل أن ترفع رأسك من تحت أشولة الفحم، وتتنفس هواء الله الطبيعي، وعندما رفعته، ورأيت ابنية القرية تتراجع، أدركت أن فصلا من فصول حياتك قد انقضى، وأن فصلا جديدا قد بدأ الآن.مرغما تخرج من القرية، ولست نادما على شيء لأنه من قبل أن يأتي هذا الإرغام، فإنه لم يكن هناك ما يغريك بالبقاء في قرية يقتلك فيها الضجر، وتطاردك سحب الذباب وارتال القمل والبراغيت، بلغ عمرك ربع قرن، ولاشيء أمامك يعد بأي تبدل في حالتك، رعيت الجديان وحفظت القرآن في الزاوية السنية وتحولت بعد ذلك إلى مساعد لمعلم الصبيان، تتبعه بالإبريق لتصب على قدميه الماء وهو يتوضأ وتشتغل خادما له أكثر مما تشتغل معلما للقرآن، ولا زلت تسرح بالشياه في أوقات الفراغ كحال أي رجل لم ينل تعليما، برغم كل ما نلته من تأنيب وتعزير وضرب على قدمك بالفلقة حتى اكملت حفظ القرآن وسيمضي عمرك في القرية على هذا المنوال، أقصى ما سوف تكسبه من تعليمك هو كلمة الشيخ التي صار الناس يلحقونها باسمك فأنت الشيخ عثمان الشيخ، وأقصى ما يميزك عن بقية أهل القرية الأميين هو أنهم يأتون إليك لتقرأ لهم ما تصلهم من جوابات، أو تكتب لهم رسائلهم دون أن تنسى كتابة ذلك السطر في ختام الرسالة الذي يشير آلي كاتبها وهو "والسلام ختام من كاتب الحروف، العبد المعروف عثمان الشيخ"حتى لو كان الشخص الذي تخاطبه الرسالة شخصا لا تعرفه فهو نوع من إثبات الوجود والتباهي بتقديم هذا الصنيع .لم تكن هناك أوجه استخدام أخرى للعلم الذي حصلت عليه غير هذا الاستخدام المجاني الذي لا يجلب رزقا عدا القليل من البيض يجود به عليك الفقي عبد الله مما يتلقاه من الأطفال مقابل تعليمهم، لأن هذا كل ما تستطيع قرية "أولاد الشيخ" تقديمه لمعلمي أولادها، وتدرك جيدا أن أقصى ما تحلم بالوصول إليه هو أن تحتل مكان الفقي عبد لله إذا غادر قبلك هذا العالم بعد عمر طويل، أو تنافس الفقي بركة في كتابة الأحجبة بضريح الشيخ الكبير، أما غير ذلك فلا شيء حتى لو قرأت كتب الأولين والآخرين واكتسبت علومهم، ستبقى كما أنت لأنه لا مكان في أولاد الشيخ لذلك العدل القرآني الذي يحفظ لأهل العلم قدرهم كما تقول الآية الكريمة »وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون«، فكلهم سواء لدى أهل اولاد الشيخ ."

.....................

" وإذا كانت بأضادها تعرف الاشياء، فقد وضعت في ذهنك صورة للحياة في مدينة طرابلس، تناقض ما في القرية من بؤس وصمت وفراغ وحياة روتينية مكرورة باهتة، دون أن تدري على وجه اليقين ما تخبئة لك الحياة فيها، ودون أن تملك خطة للكيفية التي ستواجه فيها الحياة في مدينة تاتي إليها غريبا ولا تعرف فيها أحدا.كل ما يملأ راسك هو الصورة التي صنعها خيال القرية عن المدينة العامرة بالأضواء التي تحيل الليل إلى نهار، ولا يركب الناس فيها إلا السيارات أو العربات الأنيقة التي تجرها الخيول ذات السروج والألجمة المطهمة بالذهب والفضة، وتتمخطر في شوارعها وفوق أرصفتها نساء متزينات، متبرجات، يفوح العطر الجميل من أردانهن، سافرات الوجوه، حاسرات الشعور، تكشف الملابس التي يرتدينها عن الأذرع والسيقان وأحيانا ما هو اكثر من ذلك، وتقام في ساحاتها وميادينها وشوارعها حفلات الرقص والغناء التي يوزع فيها الطعام والشراب مجانا، كما تقام في ملاعبها سباقات الخيل والسيارات ورياضات أخرى لا حصر لها، هذا غير المنتزهات والحدائق والمسارح ودور العرض السينمائي والأسواق والمتاجر الكبيرة الحافلة بكل ما تشتهي الأنفس من مطاعم ومشارب وفواكه في غير موسمها مجلوبة من مشارق الأرض ومغربها، وحدائق الورد والنوافير التي يزغرد فيها الماء ويخرج مصبوغا بمختلف الألون من أجل الزينة وإشاعة البهجة في قلوب الناس، وأهل طرابلس الذين يسكنون القصور ويرتدون ألبسة الحرير ويأكلون بملاعق الذهب، ويأتي قبل هذا وذاك البحر، هذا المدى اللامتناهي من الماء الذي بهر كل من رآه من أهل قريتنا، الذين يتشوقون لرؤية بركة صغيرة من الماء يصنعها المطر سرعان ما تغور في الأرض، ثم يشاهدون هذا البحر الزاخر بامواجه العاتية والسفن تشق عبابه، يحضن مدينة طرابلس من ثلاث جهات، وقد كثرت حوله المنتزهات والشواطئ المخصصة للسباحة والأحواض المخصصة لقوارب النزهة، هذا البحر الذي كان موضوعا للأساطير والقصص والخراريف التي كنا نسمعها من سيدات العائلة قبل أن ننام ونحن أطفال، فجئت محملا بشوق عارم لكي تراه .كنت وانت تسمع هذا الكلام عن المدينة، تستطيع أن تفرز الحقيقة من الخيال، وتعرف أن المدينة ليست كلها منتزهات وملاه وقصور ورقص وغناء وأغذية ومشروبات توزع مجانا في الحفلات، وأن هناك كدح وتعب، وفقر وبؤس، وهناك عناء وجهد وعمل وذكاء لمن يريد تحقيق النجاح والثراء، وكنت مستعدا لبذل كل ما تستطيع تقديمه من جهد وكدح لتحقيق النجاح في المدينة، مدركا أن مهمتك الأولى في المدينة هي العثور على عمل ، تصرف فيه نهارك كله، وتؤمن من خلاله مصدر رزق لك، وتصنع لنفسك جذورا، وتبدأ رحلة الانطلاق نحو ما تسعى لتحقيقه من رفعة ورقي
. "

Wednesday, August 22, 2007

كيف يكون حب الوطن ؟

كتب محمد عقيلة العمامى فى "قيران العسل" عن حكاية من حكايات بنغازى أيام زمان ، فقال

رشف الحاج من كأسه ، وقال : " بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، سيطرت القوات البريطانية سنة 1944 على البلاد وصارت تحت إدارتها . لم تكن بنغازي حينها إلاّ أطلال مدينة دكتها القنابل كانت مجرد خربة كبيرة ، وعندما عاد سكانها ، الذين نزحوا منها إلى المناطق المجاورة ، لم يجدوا إلاّ البطالة ، كان الفقر المدقع والجوع الكافر ، والبؤس عند كل خرابة . وما كان للأمن أن يستتب إلاّ بتوفر سبل الرزق للناس . وماذا كان بمقدورهم أن يصنعوا ، والحالة هكذا ؟ . رأت الإدارة البريطانية ، آنذاك ، أن تستثمر ما تقدمه للناس من معونة ، هي في الحقيقة تعويضا تدفعه ألمانيا المهزومة ، ففتحت باب العمل للشباب في تنظيف البلاد من مخلفات الحرب . صار الكثيرين من شباب بنغازي سنة 1944 مجرد (كناسين ) ! .
المرحوم العالم حويو ، والمرحوم محمود أمبارك الشريف ، انتبها لعدد الشباب الكبير الذي ترك الدراسة وانخرط مبكرا في العمل . ألمهما ذلك كثيرا . فقررا أن يؤسسا مدرسة ليلية يتعلم فيها من حالت ظروفه دون التعلم في المدارس الصباحية ، فشرعا يشرحان فكرتهما للمستنيرين في ذلك الوقت ، وسرعان ما انضم إليهما الكثيرين ، اذكر منهما : المرحوم محمد ابراهيم الفلاح ، والمرحوم بن عروس امهلهل ، وشرعوا يجمعون التبرعات من القادرين .. " تدخل عبدالسلام قائلا : " لقد نسيت – ياحاج – المرحوم طاهر الشريف ، والمرحوم إبراهيم المهدوي .. " رد الحاج : " إن الذين ساهموا في هذا العمل الجبار كثيرين وأنا أعلم أن والدك – رحمه الله – دون لنا أسمائهم بخط يده المباركة .. وما ذكرت من أسماء هو على سبيل المثال لا الحصر .." ثم التفت الحاج نحوي وقال : " إن أخطر وأذكى ما قام به الحاج في تأسيس هذا العمل الأهلي العظيم هو إقناعه للمرحوم ( على فلاق ) الذي كان في ذلك الوقت ذو منصب مهم في بلدية بنغازي التي تخضع للإدارة البريطانية . لقد أقنعه بأمرين مهمين للغاية هما : أن يسمح للعمال بإنهاء أعمالهم قبل ساعة واحدة من الموعد المقرر وألا يعين أحد إلاّ الذي يتعهد بالدراسة في المدرسة الليلية .." سألت الحاج :
- " ولكن ياحاج كيف وفروا مقرا للمدرسة ، ومن أين جاءوا بالكتب .. " قال - " من المرحوم مصطفى بن عامر، فقد كان احد المسئولين في مصلحة المعارف ، لقد منحهم الكتب الدراسية القديمة ، وخصص لهم مدرسة عند الفندق القديم ، صار اسمها لفترة طويلة مدرسة الكناسين ، ثم صارت ، فيما بعد مدرسة العمال الليلية .. " ثم أضاف عبد السلام:
- " وتطوع المعلمين في المدارس الصباحية ، للتدريس مجانا في الفترة المسائية .. " ثم أشار إلى الحاج وقال : " عمك الحاج كان احدهم .. " فرد الحاج - " صرت مدرسا ، بمدرستك الصباحية – يا عبدالسلام - بعد أن أتممت دراستي الابتدائية في المدرسة الليلية . صار ذلك بمثابة قانون أخلاقي ، فمعظم الذين أتموا دراستهم بالمساء عادوا إليها كمعلمين متطوعين ن واستمر مشروع المرحوم العالم حويو ، كهيئة أهلية تشرف على سير هذه المدرسة حتى ضمت رسميا لوزارة المعارف سنة 1963 .. " فقلت :
- " في تلك السنة صار،المرحوم مفتاح بوحويه شرمدو، ناظرا للمدرسة . أنا اعرف ذلك لأنني ، حينها ، أتممت دراستي الإعدادية. وإنني لأذكر من مدرسيها ، على سبيل المثال المرحوم طالب الرويعي ، والمرحوم صادق النيهوم . ومنهم ، أيضا ، الأستاذ يوسف الشيباني ، والأستاذ ابوبكر عمر الهوني ، وأحمد القلال ومفتاح الدغيلي أطال الله في أعمارهم " .
كنت قد ودعت عبد السلام ، وخرجت رفقة الحاج نحو الساحة الجديدة التي شيدت فوق ميدان الحدادة . كان هناك بعض الشباب يلوحون بأوراق نقدية ، وبعض الباعة الفارشين لسلع متنوعة ، ونسوة يتطلعن لعقود الذهب المعروضة . كان الحاج يريد أن يتجه نحو شارع بوغولة ، وكنت أريد أن اتجه نحو شارع عمر المختار ، وعندما صافحته هناك قال :
- " لا أعتقد أن أحدا من رواد هذه الساحة ، يعرف أن ثمة رجال ، كانوا هنا ، قد ملكوا جيلين أو ثلاثة. لم يعلموهم الأحرف فقط ، وإنما علموهم،أيضا، كيف يكون حب الوطن ؟ " .

Links:

Tuesday, August 14, 2007

قصور عمر المختار

إذا سقت سيارتك من مدينة المرج متجها شرقا ، و درت يمينا مخترقا بقايا المرج القديمة التي دمرها الزلزال في أوائل الستينات ، فانك ستبدأ في الصعود من سهل المرج متجها إلى تاكنس ، و إذا نظرت يسارك على بعد حوالي 15 كلم من المرج القديمة فانك سترى تلا و فوقه بعض المنازل و جامع صغير ، هنا قبل مائة سنة كانت زاوية القصور . و إذا صعدت إلى قمة التل عبر طريق ترابي صغير فانك سترى ما تبقى من هذه الزاوية السنوسية التي أوت الشهيد عمر المختار ، أو ما يبدو مثل بقايا حائط لحصن أثرى قديم .
في سنة 1895 كلف السيد المهدي عمر المختار مشيخة زاوية القصور التي كانت تقع ما بين نجوع قبيلة العبيد المعروفة بتمردها و صعوبة مراسها و عدم خضوعها لأية سلطة ، و لكن عمر المختار ، وهو ابن الثلاث و الثلاثين سنة ، استطاع بحكمته أن يقود هذه القبيلة حتى أصبحت له فيما بعد الأكثر أمانا و ولاء خلال أيام الجهاد . و خلال سنة 1899 استنفر المقاتلون السنوسيون للدفاع عن زواياهم في تشاد و إيقاف التغلغل الاستعماري الفرنسي في وسط إفريقيا و نجد عمر المختار يذهب هناك و يقاتل و يصبح شيخا لزاوية كلك . و بعد تراجع المجاهدين أمام الزحف الفرنسي الجارف عام 1906 ، كلف عمر المختار أمر زاوية القصور مرة أخرى و لإدارة شئون قبيلة العبيد التي قابلت طلب الحكومة العثمانية لجباية الضرائب بالرصاص . و لكن عمر توصل لإقرار السلام من جديد و تحاشى الصدام مع السلطة المركزية في طرابلس . و عندما غزت ايطاليا ليبيا في سنة 1911 توجه عمر مع مقاتليه إلى دور المجاهدين في بنينا ، و خلال سنوات الحرب العظمى كانت قاعدة عمر المختار الجهادية هي منطقة تاكنس - القصور ، كما عهد إليه بالقضاء على أفراد العصابات التي انتشرت نتيجة لفترة انعدام الأمن و غياب السلطة لممارسة النهب و السرقة ، و استطاع القضاء عليها . و عندما هادن محمد إدريس السنوسي الايطاليين اعتصم عمر المختار بزاوية القصور يراقب و ينتظر .
كانت الزوايا السنوسية تبنى فوق قمم الجبال أو في مناطق حصينة يسهل الدفاع عنها ، و على مفترق طرق القوافل حتى يسهل الاتصال فيما بينها . و كان شيخ الزاوية يمثل الزعامة الروحية و الإدارية على نجوع البادية التي تحيط بالزاوية . فهو يقيم الصلاة ، و يعلم الأولاد ، و يباشر عقود النكاح ، و الصلاة على الجنائز ، و يشجع الناس على التجارة و الزراعة ، و له وكيل على الدخل و الخرج ، كما يشرف على التدريب على الفروسية و إتقان الرماية .
من هنا ، من زاوية القصور ، انطلق المجاهد عمر المختار ، أو المدرس الذي أصبح قائدا للجهاد في برقة

Sunday, July 15, 2007

فى ذكرى الاربعين للشاعرة فاطمة عثمان

يوم الخميس الموافق 7 من يونيه 2007 توفيت الشاعرة فاطمة عثمان فى موطنها بمدينة هون
ولدت االمرحومة فاطمة مع بداية القرن العشرين ، و كان عمرها ثمانية و عشرين عاما
عندما شاهدت من نافذة بيتها بمدينة هون القديمة فى يوم 15/11/1928 أعواد المشانق
و هي تنصب لتسعة عشر مجاهدا فى ميدانها انتقاما للطليان الفاشيست
من تمرد أهالي هون على احتلال مدينتهم
بعد معركة قارة عافية القريبة من هون و التي تكبد فيها العدو خسائر فادحة فى الأفراد و الآليات
على يد قوات مجاهدين من قبائل القبلة
شاهدت الراحلة أعواد المشانق و هي تعد ، و لعلها شاهدت جثث التسعة عشر شهيدا و هم يتدلون من المشانق
و كان مشهدا رهيبا و مرعبا . انفطر قلبها حزنا و كمدا و أسى ، و تفجر خاطرها عن كلمات عبرت عما رأت
و كانت كلمات قهرت الطليان ، و قهرت الزمان و المكان
قالت قصيدتها " خرابين يا وطن ما فيك و الى " مثل تفجر عين ماء دافقة فى الصحراء القاحلة
لري الرمال العطشى ، و تتابعت الكلمات من فيها معبرة و قوية تصف ما يعانيه الوطن و أهله من ذل و تشرد و قهر
كان شعورها بالمأساة و الألم يعطى الكلمات حياة ستبقى بعد زوال الغزاة و اندثارهم و لأخر الزمان
تحولت أحاسيسها آنذاك فى لحظة ما إلى حالة وجدانية اتحد فيها الإنسان و المكان و الزمان
و ولدت كلمات اختزلت ذلك المشهد فى ذاكرة البشر



الحاجة فاطمة فى لقاء مع الكاتب عبد الوهاب قرينقو سنة 2004


قالت الشاعرة قصيدتها تلك ، و حسبما أعرف لم تقل غيرها من الشعر أبدا
كانت قصيدة يتيمة و أصبحت فى مصاف أعظم قصائد الشعر الشعبي ، الذاكرة الجماعية لليبيين
و على درجة واحدة من الوصف و التعبير و الجمال مع قصائد أخرى في القمة مثل قصيدة الشاعر بوحويش المشهورة
..... ما بى مرض غير دار العقيلة و حبس القبيلة
عاشت المرحومة معنا حتى أكملت القرن و يزيد ، و عاصرت عهودا شتى منذ و لادتها مع نهاية العهد العثماني الثاني
و مرورا بالاحتلال الايطالي ، و بعهد الانتداب البريطاني ، و عهد الملكية
ثم الثورة ابتداء بالجمهورية و انتهاء بالجماهيرية
و لم نكن نعرف أنها مازالت بيننا ؟ فهل صحيح يا وطن ما عقب فيك غير اللمد ؟







خرابين يا وطن ما فيك والي * وذيلك جوّالي * ولخرين ف المشنقة والقتالي


خرابين يا وطن ما فيك هل * ركبك الذلّ * اللي ما جلا، ف المشانق حصلْ


عدّوا ولا زول منهم وصلْ * وباتو مدالي * مثيل العراجين في راس عالي


خرابين يا وطن ما فيك دايل * بجدّ الشغايل * وناسك غدوا من كلام السبايل


يا دمع لنظار تذرف وسايل * علي زول غالي * وعده حضر ف رقاق الحبالي


وعَدْه حضر ف امقاط البحر * في يوم زرّ * دولة العدوان همّ الكفر


صبرت يا خاطري ما صبر * زايد هبالي * نا بعدهم يا عرب ماطرالي


خرابين يا وطن ما فيك حد * حزنك مْجد * ومن ما عقبْ فيك غير اللمد


ها المشنقة ما هفّت من ولد * تحلف هلالي * ولا خلفّت زول اللي ما يشالي


خرابين يا وطن ما طاف ضييه * كمل بالسوية * وراحوا مظاليم من غير سيّه


ندهت يا رب يا هاشمية * جيب الغوالي * في يوم مبروك يخلص سوالي


خرابين يا وطن من فيك باقي * يجلّي انكادي * ويبيّض العقل بعد السوادي


ندهتكم يا مشايخ بلادي * تجوا عند بالي * في يوم حامي عليهم يكالي


في يوم حامي عليهم يزرّ * عجاجه كْبر * وتفاح لسلام كيف المطر


يباتن مطاويح روس الكفر * تحت النعالي * هاناك نزهى ويطمان بالي


خرابين يا وطن ما فيك عيله * عدّوا جزيله * ولا زول بمواجعي نشتكيله


لي جوف يا ناس مثل الفتيلة * سامر ليالي * ويارب عطنا عليه إتكالي