Tuesday, August 14, 2007

قصور عمر المختار

إذا سقت سيارتك من مدينة المرج متجها شرقا ، و درت يمينا مخترقا بقايا المرج القديمة التي دمرها الزلزال في أوائل الستينات ، فانك ستبدأ في الصعود من سهل المرج متجها إلى تاكنس ، و إذا نظرت يسارك على بعد حوالي 15 كلم من المرج القديمة فانك سترى تلا و فوقه بعض المنازل و جامع صغير ، هنا قبل مائة سنة كانت زاوية القصور . و إذا صعدت إلى قمة التل عبر طريق ترابي صغير فانك سترى ما تبقى من هذه الزاوية السنوسية التي أوت الشهيد عمر المختار ، أو ما يبدو مثل بقايا حائط لحصن أثرى قديم .
في سنة 1895 كلف السيد المهدي عمر المختار مشيخة زاوية القصور التي كانت تقع ما بين نجوع قبيلة العبيد المعروفة بتمردها و صعوبة مراسها و عدم خضوعها لأية سلطة ، و لكن عمر المختار ، وهو ابن الثلاث و الثلاثين سنة ، استطاع بحكمته أن يقود هذه القبيلة حتى أصبحت له فيما بعد الأكثر أمانا و ولاء خلال أيام الجهاد . و خلال سنة 1899 استنفر المقاتلون السنوسيون للدفاع عن زواياهم في تشاد و إيقاف التغلغل الاستعماري الفرنسي في وسط إفريقيا و نجد عمر المختار يذهب هناك و يقاتل و يصبح شيخا لزاوية كلك . و بعد تراجع المجاهدين أمام الزحف الفرنسي الجارف عام 1906 ، كلف عمر المختار أمر زاوية القصور مرة أخرى و لإدارة شئون قبيلة العبيد التي قابلت طلب الحكومة العثمانية لجباية الضرائب بالرصاص . و لكن عمر توصل لإقرار السلام من جديد و تحاشى الصدام مع السلطة المركزية في طرابلس . و عندما غزت ايطاليا ليبيا في سنة 1911 توجه عمر مع مقاتليه إلى دور المجاهدين في بنينا ، و خلال سنوات الحرب العظمى كانت قاعدة عمر المختار الجهادية هي منطقة تاكنس - القصور ، كما عهد إليه بالقضاء على أفراد العصابات التي انتشرت نتيجة لفترة انعدام الأمن و غياب السلطة لممارسة النهب و السرقة ، و استطاع القضاء عليها . و عندما هادن محمد إدريس السنوسي الايطاليين اعتصم عمر المختار بزاوية القصور يراقب و ينتظر .
كانت الزوايا السنوسية تبنى فوق قمم الجبال أو في مناطق حصينة يسهل الدفاع عنها ، و على مفترق طرق القوافل حتى يسهل الاتصال فيما بينها . و كان شيخ الزاوية يمثل الزعامة الروحية و الإدارية على نجوع البادية التي تحيط بالزاوية . فهو يقيم الصلاة ، و يعلم الأولاد ، و يباشر عقود النكاح ، و الصلاة على الجنائز ، و يشجع الناس على التجارة و الزراعة ، و له وكيل على الدخل و الخرج ، كما يشرف على التدريب على الفروسية و إتقان الرماية .
من هنا ، من زاوية القصور ، انطلق المجاهد عمر المختار ، أو المدرس الذي أصبح قائدا للجهاد في برقة

5 comments:

Hiba said...

هل يمكن أن تتخطي الإداعات هذه الأماكن لتروي لنا التاريخ بلسان زائر كما فعلت لنا..لا أتصور ذلك فهم لا يملكون ذات السعة التاريخية التي لذيك
هنيئاً لكَ

الموضوع يعتبر جديداَ لي ومميز

أعطيك 10/10

Brave Heart said...

السلام عليكم غريانى .اعتقد اننا نريد المزيد من العمل والبحث حتى نستطيع فهم وادراك تلك المرحلة المهمة من تاريخ ليبيا.اعتقد ان المرحلة الجهادية لم تغطى بالشكل المنصف يمكن لاعتبارات سياسية.هل عندك اصدارات معينة او كتب خاصة يمكنك ترشيحها لى للتعرف اكثر على احمد الشريف.لقد قرات عنه القليل فى كتاب محمد اسد الطريق الى مكة والتى لم تكن كافية لسد جوعى لمغرفة المزيد

Omar Gheriani said...

Thanks no1-honest enough and brave heart for your kind comments.
بالنسبة لسؤالك عن ما كتب عن السيد أحمد الشريف فحسب علمى توجد الاشارة عن حياته فى الجهاد و عن توريطه فى الحرب ضد الانجليز فى مصر عن طريق الضباط الاتراك لتشكيلاتى مخصوصة - توجد هذه المعلومات فى اصدارات مركز جهاد الليبيبن و هى ليست بالقليلة و ان وجدت كتابا معينا يتحدث عن حياته فساعلمك انشاء الله .
بالنسبة للشهيد عمر المختار فقد كتب عنه الكثير و لكن فى رأى الخاص لايجود مرجع شامل يتحدث عن عمر المختار الانسان ، و الادارى ، و الشيخ الجليل الذى كانت جميع قبائل برقة رغم اختلافاتها تجله و تحترمه لعدله و لحزمه و نقاءه .

Brave Heart said...

شكرا غريانى عندى فترة مش واضحة فى حياة احمد الشريف وهى فترة قيادته للحرب من اجل تحرير تركيا مع اتاتورك وكيف تم الغدر بيه بعد ذلك.ايضا لا يوجد مصادر كافية على ما اعتقد غلى فكر تشكيلاتى مخصوصة ودورها فى انهاء الاخلافة التى كانت باقيا على الاقل بالشكل المعنوى وهى احد دوافع احمد الشريف لتحرير تركيا

Omar Gheriani said...

للدكتور قاسم الجميلى - من كلية اداب جامعة الجفارة - بحث بعنوان علاقات أحمد الشريف - مصطفى كمال و أثرها فى حركة النضال الوطنى التحررى فى العراق قدم فى تونس حول الكمالية و الكماليون سنة 1998 و نشر فى كتابه صفحات من تاريخ ليبيا الحديث و المعاصر الفصل السادس ضمن سلسلة الدراسات التاريخية لمركز جهاد الليبيين ، كما يوجد كتاب بعنوان أحمد الشريف حياته و جهاده بأليف محمد عبد الرزاق مناع طبع مرة واحدة فى سنة 1979 و من الصعب وجوده فى المكتبات الان.